الموبايل ...حكاية شعب غير الوش

جامعة أون لاين - بتاريخ: 15/5/2007

البعض يعتبر الموبايل ..جهاز ...عادي يعني مجرد جهاز....زيه زي التليفزيون و السشوار و الخلاط ..لكن الموبايل اكبر من كده بكتير ..الموبايل ده قصة شعب اليوم ونحن نحتفل بوصول عدد مشتركي المحمول في مصر إلى 14مليون مشترك دعونا نحكي قصة المحمول في مصر ..فهي ليست قصة جهاز انتشر وسط الناس ..لكنها قصة تغيير وش .... للشعب .

البداية من هنا

البداية كانت سنة 1997 ..عندما سمعنا عن نزول التليفون المحمول إلى مصر ...البعض ( ومنهم انا ) ساعتها قال غريبة اوي...يعملوا تليفون محمول ليه وهو فيه تليفون لاسلكي؟؟!!

بمرور الوقت بدأنا ندرك ان حقيقة إن التليفون اللاسلكي بتاع البوليس ده حاجة والتليفون المحمول ده حاجة تانية ..وبدأنا ندرك إن الناس اللي ماسكين التليفون المحمول دول حاجة وبقية الناس حاجة تانية .

ساعتها كانت المكالمة من تليفون الحكومة الحقير الأصفر ابو عملة بشلن ...أما دقيقة المحمول فكانت بأثنين جنيه إلا ربع ...

من الشلن إلى الـ 175 قرش فرق كبير اوي ...لذلك كنا إحنا اللي بنطلع الشلن بالعافية علشان نتصل مكالمة ثلاث دقائق وفي الآخر نقوم هابدين على التليفون علشان ينزل الشلن تاني ...ونتنرفز ونلعن سلسفيل ابو الحكومة لو الشلن ما نزلش ...كان لدينا احساس بأن هؤلاء البشر اللي بيدفعوا اتنين جنيه إلا ربع بمنتهى السهولة علشان يتكلم دقيقة واحدة ( غالباً كمان أقل من دقيقة ) ..كان لازم نشاور ليهم بالبنان ونقول ده معاه محمول .

حكاية طموح

ولما كنا شعب كله طموح ...وكله عايز يشار إليه بالبنان وكله عايز يبقى باشا بدأ الكل يطمح في ان يحمل المحمول ...بدأت الناس تحوش ..وتعمل جمعيات علشان تحوش 2000 جنيه تشتري بيهم موبايل نوكيا بنانا ( الموزة ) ..ولمن لا يعرف نوكيا الموزة هو موبايل مقاس 46 ..حاجة كده تنفع تتصل بيه وينفع تتعارك بيه لو اتزنقت ( حاليا أعرف واحد اشترى واحد منه ب 35 جنيه ) ، وبدأ التليفون المحمول ينتشر على استحياء.

كان الخط ساعتها ب 1500 جنيه ...وكان فيه خط كاش وخط تقسيط ...ويمكن من هنا خلط البعض بينه وبين الخلاط اللي تشتريه شكك من جرجس بتاع الأجهزة المنزلية .

كنت تشتري الخط التقسيط وتفضل شهور طويلة تشحن علشان تسدد القسط وما تاخدش فلوس وتفضل ماشي بالرنة اليتيمة لشهور طويلة لحد ما تخلص اللي عليك لنجيب ساويرس ، محدش كان يتخيل ساعتها إن سعر الخط ممكن يوصل عشرين جنيه ..وعليه خمسة جنيه رصيد هدية كمان .

بمرور الوقت بدأ نجيب ساويرس يشعر بالشفقة على الشعب المصري الطموح اللي مش لاقي ياكل ومش لاقي يشتغل ..ومش لاقي مكان يصرف فيه الصحي بتاعه ..لكن نفسه يشيل محمول ...فقام بهز اسعار الخدمة هزة بسيطة ....ليبدأ جنون الموبايل في الشارع المصري ... ورفعت شركة المحمول شعار ..المحمول في يد الجميع .

الإحصائيات فضحتنا يا جدعان

مع بداية عام 2000 شهد الشارع المصري صراع محموم على امتلاك المحمول ...الكل عايز يشتري ...والكل عايز يتصل .. ( قصدي يرن)....تصاعد انتشار المحمول بطريقة عجيبة ، لتصل مصر إلى واحدة من اكثر الدول في العالم التي بها تليفونات محمولة لتفضح الإحصائيات المصريين ...فلقد ارسل المصريون بحوالي 600 مليون جنيه رسائل خلال عام 2005 ، وينفق المصريون حوالي 7 مليار جنيه على مكالمات المحمول ، ويتصل المصريون يوميا بما يزيد عن 22 مليون جنيه يوميا ، وتصل كبرى المفاجآت عندما تحقق شركة فودافون العالمية خسائر عاليه خلال عام 2005 ، بينما تحقق في مصر صافي ربح خالص من الضرائب في ثلاث اشهر فقط 295 مليون جنيه .

سبوبة

اصبح الموبايل سبوبة كبيرة اوي فطلعت لنا محلات الموبايل وما اكثرها ...لتبيع الوش والجراب والفلاشر وتنزل النغمات وتغير الرنات وتصليح الموبايلات انتشاراً تشعر معه إن الشعب ده ما بيعملش حاجة غير إنه يبوظ التليفونات بتاعته ... ..ويكفي ان تنزل منطقة مثل منطقة العامرية وتسير في شارع العامرية الرئيسي لتشاهد هذا العدد المهول من محلات الموبايل لا يفصل بين المحل والتاني مترين تلاتة ..في منطقة لا يوجد بها صرف صحي ولا نظافة وهوائها ملوث بدخان المصانع ومفيهاش غير تلات أو اربع افران عيش بيخدموا عشرات الآلاف من البشر .

اللصوص نالوا جانب واسع من الحظ في هذه السبوبة ...سرقة الموبايل اصبحت السرقة الأكثر سهولة والأكثر انتشاراً والأقل خطراُ بالنسبة للحرامي ، والأكثر صعوبة في رصدها نظراً لأن اغلب حرامية الموبايل هما حرامية بالصدفة ، كل اللي بيعمله إنه بيلاقي الموبايل واقع من صاحبه فيفتحه ويرمي الخط ويعتبر الموبايل بتاعه .

ولم تترك الصين هذه الفرصة العظيمة ...فنزلت الأسواق موبايلات صيني رخيصة الثمن ...لكن الحق يقال إن الشعب المصري رفضها بكل عزة وإباء ...وهو يهتف ..يا نوكيا يا بلاش غيره وبس ما ينفعناش .

رنة هيفاء ...ورنة الشيخ يعقوب

وظهرت شركات رنات الموبايل علشان تقرفني كل ما اروح اشتري الجرنال وآجي اسحب الجورنال من عند الراجل وألاقي الورقة اللامعة أم الوان فحلقي بتقع من الجرنال .

وتنوعت الرنات لتعكس التباين الرهيب في الشارع المصري ...ما بين رنة هيفاء وهبي ..بوس الواوا ، ورنات الشيخ محمد حسين يعقوب التي يعلنون عنها في قناة الناس ...وهو بيقول ... ما تصلي علييييييه .

محمود اشترى موبايل يا جدعان

في النهاية احب ابشركم على الصعيد الشخصي فقد اكرمني الله بدخول نادي الموبايل منذ حوالي عام ونصف رضوخاً لنظرات الأحتقار في عيون الآخرين اثناء تسجيل رقم تليفوني عندهم على الموبايل فيسألني السائل..زيرو عشرة ولا زيرو إتناشر..أقوله لا حضرتك..زيرو تلاتة ، وتحت الضغط استجاب والدي ايامها لطلبي وصام ثلاث ايام تكفيرا للقسم بتاعه الا يشتري الموبايل حتى لو نزل على بطاقة التموين مع السكر والزيت ...وعقبال كل مواطن طموح.

محمود ماجد